وکاله آریا للأنباء - سلطت صحیفه "دیلی میل" البریطانیه الضوء فی تقریر لها على ظاهره "عرائس الأطفال" حول العالم، کاشفه حقائق صادمه وأرقاما مروعه، من إفریقیا مرورا بالشرق الأوسط وآسیا إلى أوروبا!
وأشار التقریر إلى بعض الحالات التی عاشت تجربه الزواج المبکر مثل الشابه الیمنیه غاده التی کانت تبلغ من العمر 15 عاما عندما حملت بطفلها الثالث.
حیث کانت متزوجه من رجل أکبر منها بسنوات، رجل زوجها والدها بدافع الحاجه المادیه دون أن یکترث إلى أنها ما زالت طفله.
وهکذا، تزوجت غاده فی عمر 12 عاما، وفی غضون عام، أنجبت طفله. لکن زوجها، الذی کان یرغب فی ولد، اعتاد إساءه معاملتها ومنعها من مغادره المنزل. لم یسمح لها برؤیه عائلتها إلا عندما أنجبت طفلها الثانی، الذی کان صبیا.
وتقول الصحیفه إن غاده توسلت إلى والدها للسماح لها بالعوده إلى المنزل. لکن العائله لم تکن قادره على إعاله المزید من الأفواه. فعادت إلى زوجها وحملت للمره الثالثه.
ولما لم تجد مخرجا، حاولت غاده تسمیم نفسها بمبید حشری سرقته من زوجها. أنقذتها زوجه أخیها، لکنها مع ذلک لم تتمکن من العوده إلى منزلها. بدا أن حیاتها قد حسمت بالنیابه عنها.
قصه غاده لیست فریده. فزواج الأطفال لا یقتصر على الیمن، بل ینتشر فی البلدان التی تعانی من الحروب وعدم الاستقرار.
حول العالم، هناک مئات الملایین من الفتیات لدیهن قصص مماثله عن الإساءه والإهمال، حیث یتم ربطهن برجال أکبر منهن بکثیر نتیجه الاتجار أو العادات الثقافیه أو ببساطه لعدم وجود بدائل واضحه لحیاه أفضل.
قد لا تکون قصه غاده فریده، لکنها نادره نسبیا من حیث وجود نهایه سعیده. فقد أنقذتها جارتها. ونقلت هی ووالدتها إلى مکان آمن یدعمه صندوق الأمم المتحده للسکان، ثم أحیلت لتلقی رعایه نفسیه، قبل أن یساعد محام فی حصولها على حضانه أطفالها.
بمعنى ما، أصبحت غاده حره. لکن الطفوله التی منعت منها جعلتها فی سن 16 عاجزه عن القراءه أو الکتابه، بلا مال ولا مهارات.
وفی أحد المراکز الـ 51 الآمنه التابعه لصندوق الأمم المتحده للسکان، تعلمت غاده القراءه والکتابه بثبات، وتدربت على الخیاطه، مما منحها فرصه للاستقلال الاقتصادی. وأکملت تدریبها وحصلت على ماکینه خیاطه ومواد لتبدأ من جدید.
ونقلت صحیفه "دیلی میل" عن إدموند فیتون براون، السفیر البریطانی لدى الیمن بین 2015 و2017، قوله إنه قبل الحرب، کان من الشائع تزویج الفتیات الصغیرات، و"غالبا دون سن العاشره"، لرجال أکبر منهن بعقود، مشیرا إلى أن "جزء من الدافع کان اقتصادیا لتخفیف الأعباء المالیه عن العائله. وکذلک للحمایه ولإنشاء تحالف عائلی".
ولا یوجد فی الیمن حد أدنى قانونی لسن الزواج. کما أن أیدیولوجیا السلطه أعاقت حقوق المرأه منذ عام 2014، بینما قلصت قدره العائلات على الاعتراض على الزواج القسری، بحسب الصحیفه.
ونادرا ما تقاوم العائلات وتنتصر. ففی 2020، تصدرت حاله استثنائیه عناوین الصحف العالمیه، حیث تمکنت والده طفله تبلغ 12 عاما، من الحصول على أمر قضائی لإلغاء عقد زواج یربط ابنتها بسجین یبلغ 30 عاما.
وتعرضت والدتها للتهدید، بینما أجبر أشقاء الطفله على الزواج وإنجاب الأطفال. وفی کثیر من الحالات، تکون مجموعات الإغاثه، مثل صندوق الأمم المتحده للسکان، هی شریان الحیاه الوحید.
ویختلف تأثیر زواج الأطفال من حاله إلى أخرى، ومن بلد إلى آخر. لکن الفتیات اللاتی یتزوجن أو یعشن مع شریک قبل سن 18 عاما أکثر عرضه فی المتوسط للعنف المنزلی، وترک المدرسه، وفقدان فرص تطویر المهارات والعلاقات خارج المنزل.
وتقول منظمه الیونیسف إن عرائس الأطفال أکثر عرضه للإصابه بفیروس نقص المناعه البشریه/الإیدز، وأکثر عرضه لإنجاب الأطفال وهن ما زلن أطفالا، وأکثر عرضه للوفاه بسبب مضاعفات أثناء الحمل والولاده.
وهناک الیوم أکثر من 650 ملیون امرأه یعانین من العواقب المباشره لزواج الأطفال. وانخفضت الأرقام العالمیه فی السنوات الأخیره، لکن عدم الاستقرار العالمی یشکل تهدیدات جدیده لحیاه الأطفال فی جمیع أنحاء العالم.
وفی أوقات النزاع، قد ترتب العائلات زواج الفتیات، معتقده أن ذلک سیحمیهن من العنف من قبل الغرباء أو الجماعات المسلحه، ولتخفیف الأعباء المالیه على الأسره، کما فی حاله غاده.
ففی الیمن، أکثر من ثلثی الفتیات یتزوجن الآن قبل سن 18 عاما. وقبل تصاعد النزاع، کانت النسبه حوالی واحده من کل اثنتین.
ولیست الحرب وحدها هی التی تخلق الظروف لزواج الأطفال. فالفقر وانعدام الأمن الأوسع یدفعان الآباء إلى التخلی عن أطفالهم، إما على أمل منحهم حیاه أفضل أو لتقلیل التکالیف. کما أن التشریعات لا توفر بالضروره حلا محکماً.
وفی الصین، الحد الأدنى لسن الزواج هو 22 عاما للرجال و20 عاما للنساء. لکن الیونیسف تقدر أن هناک أکثر من 35 ملیون فتاه تزوجن قبل سن 18 عاما.
ولا تزال آثار سیاسه الطفل الواحد المشهوره فی الصین (1979 إلى 2015) تدفع هذا الأمر جزئیا. وأدت عملیات الإجهاض الانتقائیه التی تفضل الذکور إلى اختلال واسع النطاق فی التوازن بین الجنسین. إلى جانب انخفاض النمو السکانی، ربما حفز ذلک اتجاها للسماح بزواج الأطفال.
ویزید الفقر من تفاقم المشکله، ففی الأسر الضعیفه، یمکن بیع الفتیات کعرائس أطفال. قد تشتری العائلات أیضا عرائس أجنبیات من البلدان المجاوره.
وقد أفاد أیدان ماکوید، المدیر السابق لمنظمه "مکافحه الرق الدولیه"، فی عام 2018 بأنه قیل له إن السن الأکثر شیوعا للفتیات فی "السوق" الصینیه کان بین 13 و16 عاما. وتباع هذه الفتیات عاده مقابل 2000 إلى 3000 دولار لمده ثلاث سنوات وطفل".
وبعد إنجاب طفل والبقاء مع رجل صینی لمده ثلاث سنوات، یمکن بیعها بعد ذلک لرجال آخرین فی الصین لـ "استخدام مماثل".
وتشوه الأرقام المطلقه الحجم الحقیقی للمشکله. ففی الهند، التی یقدر عدد العرائس الأطفال فیها بـ 216.65 ملیون، یبلغ عدد السکان 1.4 ملیار نسمه. بینما العدد فی الصین أقل قلیلا.
ومن حیث النسبه، ینتشر زواج الأطفال بشکل أکبر فی وسط إفریقیا، ممتدا من ساحل موریتانیا فی الغرب، عبر مالی والنیجر وتشاد والسودان وإثیوبیا وإریتریا، وصولا إلى الصومال فی الشرق. وجمیع هذه البلدان تعانی أو عانت فی الذاکره الحیه من عدم استقرار داخلی أو نزاع أو تمرد.
ووفقا لقاعده البیانات العالمیه للیونیسف (2020)، تحتل النیجر أعلى معدل انتشار فی العالم: 76% من النساء تزوجن أو ارتبطن قبل سن 18 عاما. وتبلغ النسبه فی جمهوریه إفریقیا الوسطى وتشاد 61%، وفی مالی 54%.
وینتشر زواج الأطفال فی آسیا بمعدلات أقل بکثیر، مع بعض الاستثناءات الملحوظه. ففی بنغلادیش، 51% من الفتیات یتزوجن قبل سن 18 عاما. وفی نیبال 35%، ولاوس 33%. أفغانستان تبلغ 29%، تلیها العراق بنسبه 28%.
وخرجت أفغانستان والعراق من الحرب على الإرهاب بنظم سیاسیه مختلفه جدا، لکن لم یتخلص أی منهما من زواج الأطفال. ففی أفغانستان، أُبلغ هذا الأسبوع عن إجبار طفله فی السادسه من عمرها على الزواج من رجل یبلغ 45 عاما، بحسب "دیلی میل".
وکان من المقرر أن یتم الزواج یوم الجمعه فی ولایه هلمند قبل أن تتدخل طالبان وتعتقل الأب والعریس. وأفادت وسائل الإعلام المحلیه أن طالبان قالت إنه یجب الانتظار حتى تبلغ العروس التاسعه.
وأفادت هیئه الأمم المتحده للمرأه العام الماضی أن هناک زیاده بنسبه 25% فی زواج الأطفال فی أفغانستان منذ أن حظر طالبان تعلیم الفتیات فی 2021. وقالوا أیضا إن هناک زیاده بنسبه 45% فی إنجاب الأطفال فی جمیع أنحاء البلاد.
وفی وقت سابق من هذا العام، عدل العراق أیضا قانون الأحوال الشخصیه لإضفاء الشرعیه فعلیا على زواج الفتیات من سن التاسعه. ومنحت التعدیلات المحاکم الإسلامیه سلطه أکبر فی الأمور العائلیه، بما فی ذلک الزواج والطلاق والمیراث، مما یسمح للعلماء بالحکم وفقا لتفسیرهم للشریعه الإسلامیه.
والغرب لیس بمنأى تماما. ففی رومانیا، العضو فی الاتحاد الأوروبی والاقتصاد الـ 35 عالمیا من حیث الناتج المحلی الإجمالی (تعادل القوه الشرائیه)، تتزوج 1% من الفتیات فی سن 15 عاما، و7% قبل سن 18 عاما.
والحد الأدنى لسن الزواج هو 18 عاما، لکن یمکن الزواج فی سن 16 بموافقه الوالدین. یُشار إلى الفقر وضعف التعلیم وفرص العمل المحدوده کأسباب لزواج الأطفال، خاصه بین الفتیات الغجریات.
ولدى الهند، "أکبر دیمقراطیه فی العالم"، مشکله مماثله. فالحد الأدنى لسن الزواج هو 21 عاما للرجال و18 عاما للنساء، لکن الفقر والتقالید وضعف التنفیذ یحافظان على انتشار زواج الأطفال.
وتقدر الیونیسف أن ما لا یقل عن 1.5 ملیون فتاه دون 18 عاما یتزوجن فی الهند کل عام. کان ما یقرب من 16% من الفتیات المراهقات بین 15 و19 عاماً متزوجات وقت جمع البیانات.
وانخفضت المعدلات فی السنوات الأخیره، وهو ما تعزیه الوکاله الأممیه إلى ارتفاع معدل الإلمام بالقراءه والکتابه بین الأمهات، وتحسین فرص حصول الفتیات على التعلیم، وتشدید التشریعات، والهجره إلى المراکز الحضریه.
وتعمل کل من الیونیسف وصندوق الأمم المتحده للسکان معا فی برنامج عالمی لتسریع العمل لإنهاء زواج الأطفال، للمساعده فی معالجه الأعراف المستمره وجمع الاستراتیجیات لتحسین الصحه والتعلیم والتغذیه لتغییر حیاه الشباب وفرصهم.
المصدر: دیلی میل