وکاله آریا للأنباء - رحب السوریون بإعلان الرئیس الأمریکی دونالد ترامب فی الریاض یوم أمس نیته رفع العقوبات عن بلادهم، آملین بانفراج أوضاعهم وتعافی اقتصاد بلادهم.
عقوبات حولت معیشه السوریین إلى جحیم وحرمتهم من أبسط مقومات الحیاه الکریمه التی یحلم بها أی إنسان، وهم الیوم إذ یشهدون رفعها عن کاهلهم یأملون أن یفسح ذلک لهم فی الارتقاء إلى مستوى الدول الأخرى التی وضعت قضایا المعیشه والمواصلات وتوفیر الوقود والکهرباء وراء ظهورها منذ أمد طویل وأخذت بأسباب العلم الذی وضعها فی مصاف الدول المتقدمه التی تلیق بشعب طاعن فی العراقه والتنوع الحیوی مثل الشعب السوری، الذی وجد فی قرار الرئیس الأمریکی باکوره الأحلام التی راودته طویلاً وسط ظلام دامس بدا وکأن لن یطلع علیه فجر قبل أن یحرک قرار ترامب المیاه الراکده على نحو لم یکن متوقعاً بهذه السرعه والسلاسه الأمر الذی دفع الکثیرین للتساؤل عن التنازلات المقدمه من قبل حکومه دمشق الحالیه لواشنطن وتل أبیب فیما یخص هذا الشأن وعن المدى الذی وصلته حدود المقایضه المتصله حکماً بسیاده البلاد وقرارها المستقل ووحدتها الوطنیه کما یرى المشککون.
أسئله قد لا یبدو الکثیر من السوریین معنیین بالإجابه علیها أو حتى طرحها فالقاع الذی وصلوا إلیه الیوم بعد ثلاثه عشر عاماً من الحرب الطاحنه والتدخل الأجنبی الواسع فی شؤونهم ودعم بعضهم على حساب البعض الآخر جعل الأولویه بالنسبه لهم تتمثل الیوم فی ثنائیه الأمان والمعیشه الکریمه وما دون ذلک یبقى بالنسبه لهم وحتى إشعار آخر مجرد ترف معنوی کان حتى الأمس القریب فی عداد الأحلام البعیده المنال.
ماذا بعد رفع العقوبات ؟
یرى الخبیر الاقتصادی السوری حسن دیب أن رفع العقوبات الأمریکیه عن سوریا سیکون له مفعول عظیم على الاقتصاد الوطنی السوری الذی قیدته هذه العقوبات وفرضت علیه إیقاعها الباهت الرتیب فی حین أن الحال الیوم سیسمح بتدفق السلع والبضائع الأساسیه التی ستصبح متوفره على کافه المستویات الاستهلاکیه والدوائیه وقطع الغیار والصیانه وغیرها من القطاعات الهامه التی أصیبت بما یشبه حاله الشلل التام بسبب من الحصار الاقتصادی الذی کان مفروضا على الشعب السوری.
وفی حدیثه لـ "RT" أشار دیب إلى أن قرار الرئیس الأمریکی ترامب برفع العقوبات عن سوریا سیساهم فی إعاده إعمار البنى التحتیه التی أتت علیها الحرب والتی تشمل المدارس والمستشفیات والمنشآت الصناعیه والخدمیه والمنشآت المرتبطه بالنفط وحوامل الطاقه التی طالما اعتمد علیها الاقتصاد السوری وکانت محرکه الأول.
وأضاف بأن الأهم من کل ذلک هو حاله المناخ الإیجابی الذی سیعقب عملیه رفع العقوبات والذی سیسمح للمستثمرین السوریین بالعوده لبناء وطنهم والمستثمرین الأجانب بالقدوم إلى سوریا التی ستکون بالنسبه لهم أرضا خصبه لزراعه أموالهم فیها بعد رفع العقوبات بحیث ینتج المال أموالاً مع حرص الحکومه السوریه على تذلیل العقبات أمامهم بهذا الشأن مشیراً إلى أن القرار الأمریکی برفع العقوبات سیستدعی بالضروره قراراً أوروبیاً مشابهاً ومن دول أخرى کذلک.
وشدد الخبیر الاقتصادی فی حدیثه لموقعنا على أن قرار ترامب سیعجل فی تحریر الأموال السوریه المجمده فی البنوک الدولیه بحیث تصبح متاحه فی ید الحکومه لتنفقها على مشاریع البناء والإعمار خاصه مع عوده سوریا للنظام العالمی (swift) والذی یعنی جذب المستثمرین والشرکات العربیه والأجنبیه إلى السوق السوریه التی ستصبح واعده کما أن القرار سیسمح برفع القیود عن التجاره والاستیراد والتصدیر واستئناف التحویلات المالیه من الخارج دون عقبات تذکر الأمر الذی سینعکس بقوه على استقرار اللیره السوریه وسعر صرفها بسبب من توفر القطع الأجنبی وهو ما انعکس إیجابیا على القدره الشرائیه للیره التی ارتفعت بنسبه 10% بعد إعلان ترامب عن رفع العقوبات وفق دیب الذی أکد على أن کل القطاعات الاقتصادیه والخدمیه السوریه ستشهد تحسناً وخاصه على مستوى الطاقه الکهربائیه وإصلاح شبکاتها وتخفیف ساعات التقنین وصولاً إلى الغائه بشکل نهائی.
وأضاف بأن القرار سیسمح بإیجاد آلاف فرص العمل للسوریین فی مشاریع إعاده الإعمار کما أنه سیؤدی بالضروره إلى خفض أسعار السلع الأساسیه بشکل تدریجی بعد توفر السیوله نتیجه تدفق الأموال واستقرار اللیره السوریه ربطا بأسعار العملات الأجنبیه .
وختم دیب حدیثه لموقعنا بالإشاره إلى أن قرار رفع العقوبات الأمریکیه عن سوریا سیشجع الدول العربیه والأجنبیه على الانفتاح السیاسی على دمشق التی ستستقبل البعثات الدبلوماسیه الدولیه وترسل بعثاتها کذلک إلى هذه الدول التی طالما ربطت رغبتها فی الانفتاح على سوریا بالقرار الأمریکی خشیه أو تماهیا مع واشنطن.
رفع العقوبات ستمکن سوریا الیوم وخاصه على مستوى المال الخلیجی المساهمه فی إعاده الإعمار الذی سیؤسس لحاله من الاستقرار السیاسی والاجتماعی ینتج عنه تحسن المستوى المعیشی وتسریع عوده اللاجئین ورؤوس الأموال من الخارج للمساهمه فی إعاده الإعمار.
السوریون مبتهجون
یرى السوریون بأن قرار رفع العقوبات الأمریکیه عن بلادهم یشکل أهم خبر سمعوه منذ سقوط نظام الأسد.
مجد طالب صیدله أکد فی حدیثه لـ "RT" أن النظره الشائعه عند عموم السوریین حول رفع العقوبات الأمریکیه ترتبط فقط بزیاده الرواتب واستقرار الأسعار فی حین أن الأمر یتصل بالارتقاء إلى مستوى بقیه الأمم فی مجالات التقدم التکنلوجی والاقتصادی والتجاری والسیاحی والخدمی والاجتماعی وبمجالات الاتصالات والمال والأعمال مشیراً إلى أن سوریا تفتقد الیوم لأبسط آلیات العمل العلمی الحضاری الذی یؤسس لنهضه شامله ما کانت لتقف على قدمیها فی ظل العقوبات الأمریکیه والغربیه.
عمار طالب اقتصاد أعرب فی حدیثه لموقعنا عن سعادته البالغه هو وکل السوریین بقرار رفع العقوبات الأمریکیه عن سوریا مشیراً إلى أنه ومن خلفیته المهنیه تلمس أولى البواکیر الإیجابیه لهذا القرار من خلال استعاده اللیره السوریه لبعض من عافیتها حیث بدأ التجار بتداول الدولار تحت 8 آلاف لیره سوریه وسط حرکه کثیفه لبیعه فی السوق السوداء خوفاً من هبوط قیمته أکثر خلال الساعات القادمه.
ووجه عمار الشکر للأمیر محمد بن سلمان على الجهود الکبیره التی بذلها فی سبیل إقناع الرئیس ترامب بقرار رفع العقوبات عن بلاده متمنیاً أن تحذو سوریا حذو المملکه العربیه السعودیه فی التطور والنمو والازدهار.
عدی استاد فیزیاء من طرطوس لم یخف سعادته بقرار رفع العقوبات الأمریکیه عن سوریا معتبراً أنه قرار انتظره السوریون بالکثیر من الشغف على مدى سنوات طویله اعتراهم فیها الکثیر من خیبه الأمل.
وفی حدیثه لموقعنا تمنى عدی أن یساهم هذا القرار فی استعاده الدوله السوریه لعافیتها ویؤسس لحاله استقرار اقتصادی یؤسس بدوره لاستقرار مجتمعی ینشغل عن الصراعات الداخلیه فی الوطن والأحقاد المذهبیه المستعره بین أبنائه والتی عزاها عدی لحاله الفقر والتشرد التی یعیشها السوریون وما یمکن أن یسببه رفع العقوبات عن بلدهم فی عودتهم إلى جاده الصواب والانشغال بما یفید عما یضر على اعتبار أن العمل والخیر العمیم فی المجتمع واستثمار الوقت على الوجه الأمثل یصرف أبناءه عن کل الشرور.
السیده عبیر دکتوره أطفال أکدت فی حدیثها لموقعنا أن رفع العقوبات لن یعقبه حل سحری لمشاکل السوریین الاقتصادیه لکنه سیضعهم على سکه الحل ویسقط عنهم حاله الإحباط التی اعترتهم خلال الشهور الماضیه حیث بدا رفع العقوبات وکأنه حاله بعیده وتحتاج إلى حل الکثیر من التعقیدات على مستوى القرار السیاسی الأمریکی وأخرى على مستوى استجابه الرئیس الشرع للشروط المفروضه علیه فیما کان هم السوریین منصباً على تعلیق جزئی لها کأقصى ما راود أحلامهم قبل أن تثمر جهود الأمیر محمد بن سلمان عن الخبر السعید.
وشددت الدکتوره عبیر على أن فرحه السوریین برفع العقوبات یجب أن تصرف عملا دؤوبا ووحده وطنیه وبعدا عن التنازع والاختلاف وتبادل الشتائم والتخوین.
ما هو الثمن المدفوع ؟
Play

من جانبه یرى المحلل السیاسی حکمت زینه أن رفع العقوبات الأمریکیه عن سوریا بهذه السهوله بعد الإیحاء بأن واشنطن لیست مستعجله على ذلک وبعد الامتناع الصریح عن إعطاء الشرعیه الدولیه لحکومه رئیس المرحله الانتقالیه فی سوریا أحمد الشرع یؤکد بأن دمشق قد قایضت هذا الموقف بتنازلات کبیره تتعلق بسیادتها على أرضها وشعبها .
وفی حدیثه ل "RT" رجح زینه أن یکون التخلی عن الجولان لإسرائیل وتحویل المنطقه الجنوبیه من سوریا إلى منطقه منزوعه السلاح جزء من هذا التنازل فضلاً عن تقدیم اغراءات کبیره للشرکات الأمریکیه تجعلها تحکم السیطره على مقدرات البلاد وربما على أقالیم فیها على النحو الذی یجری فی شمال شرقی سوریا.
وعلى الرغم من إبداء تفهمه لظروف الحکومه السوریه وبحثها الحثیث عن الاعتراف الدولی بها من خلال البوابه الأمریکیه فإن المحلل السیاسی تمنى ألا یساهم تعویم حکومه الشرع واعطائها الاعتراف الدولی فی إطلاق یدها فی الداخل بحیث تجد نفسها فی حل من التعهدات التی أعلنتها بخصوص حمایه حقوق الإنسان والأقلیات والمرأه و الخصوصیات الاجتماعیه والثقافیه للشعب السوری المتنوع مشدداً على أن رفع العقوبات یجب أن یکون انتصارا للشعب السوری بمجمله ولبس تفوقا لمکون على آخر أو لقیاده على من لا یوافقها الرأی فی سیاستها داخل البلد.
وختم زینه حدیثه لموقعنا بالتأکید على أن رفع العقوبات عن سوریا یبقى فرصه عظیمه یجب اغتنامها من أجل بناء الوطن بصرف النظر عما جرى داخل الغرف المغلقه فی کوالیس السیاسه الدولیه والثمن الباهظ الذی یعتقد بأن دمشق قد دفعته من کرامتها الوطنیه فالمهم بالنسبه له أن تکون الحکومه السوریه على قدر المسؤولیه تجاه هذه الفرصه التی قد تکون الأخیره بالنسبه لها حیث لا یوجد ما تقایض علیه فی المستقبل.
المصدر: RT