وکاله آریا للأنباء - حوّل الفیتنامیون حیاه الأمریکیین إلى جحیم فی حرب طویله. فشلوا بأحدث الأسلحه وأکثر الذخائر تدمیرا، وانتصر الفیتنامیون بقدرتهم على الحرکه وتفننهم فی تصید أعدائهم.
مرت خمسون عاما على انتهاء الحرب الأمریکیه فی فیتنام، إلا أن دروسها لا تزال ماثله. استغل الفیتنامیون تضاریس بلادهم الملیئه بالأدغال والأنهار والمستنقعات، وفاجأوا الدخلاء الذی جاءوا من وراء المحیط بسلسله طویله من الفخاخ، فاجأت جنودهم تحت الشجر وفوقها، وفی کل درب وفی کل زاویه.
تعلم الفیتنامیون القتال خلال حربهم فی السابق ضد المستعمرین الفرنسیین ثم الغزاه الیابانیین. حین جاء الأمریکیون، وجدوا أمامهم مقاتلین أشداء یترصدونهم ویقطعون الطریق أمامهم على الرغم من الفارق الهائل فی القوه الناریه. عوض الفیتنامیون الفارق بتصید الأمریکیین بفخاخ بسیطه لکنها ممیته، من بینها:
رصاصه الخیزران:
من أبسط المصائد التی استخدمها الفیتنامیون فی حربهم ضد الأمریکیین ما کان یسمى بـ"رصاصه الخیزران". هذه الطریقه على بساطتها کان یصعب اکتشافها. أدخل الفیتنامیون قسما من رصاصه البندقیه أو ذخیره من عیار أثقل فی ساق خیزران، ووضعت الرصاصه داخل حفره فی مکان تخفیه الأعشاب. برز الجزء العلوی من الرصاصه قلیلا فوق الأرض. ما أن یدوس الجندی الأمریکی على الرصاصه حتى تنساب فی التجویف الداخلی للخیزران، وتصطدم بمسمار رفیع وضع تحت کبسولتها. تنطلق الرصاصه وتصیب الساق أو الفخذ. بهذه الطریقه المبتکره جعل الفیتنامیون الأرض ذاتها تطلق النار على الغزاه.
فخ الدلو:
هذا النوع بسیط هو الآخر لکنه مرعب فی نفس الوقت. یتکون من دلو حدیدی ثبتت به خطافات صید کبیره أو أوتادا على التجویف الداخلی، ثم وصعت فی حفره بالأرض وموهت بعنایه. ما أن تدخل قدم الجندی الأمریکی فی هذا الفخ، حتى تنحشر داخله وتعلق بالأوتاد الحاده، ولا یکون من الممکن التخلص منها إلا بالحفر حول "الدلو" ورفعه من داخل الأرض مع القدم المصابه، ونقل المصاب إلى المستشفى لتخلیص قدمه من الفخ.
فخ بونجی:
هذا النوع من الفخاخ الفیتنامیه الحربیه یعد الأشهر، ویسمى "عصی بونجی". یقول خبراء إنها کانت السبب فی جرح 2 بالمئه من مجموع إصابات الجنود الأمریکیین فی حرب فیتنام.
فی معظم الأحیان کانت تستخدم فی هذه الفخاخ، عصی من الخیزران تعد بشکل یجعلها شبیهه بالرماح الطویله الحاده، وأحیانا تستخدم قضبان حدیدیه بأطراف علویه مدببه.، فی الغالب تلطخ بسموم نباتیه أو حیوانیه لإلحاق أکبر قدر من الضرر بالعدو.
هذه الأوتاد الحاده تثبت داخل حفر کبیره مربعه الشکل على الدروب التی یفترض أن یسلکها جنود العدو. تغلق الحفر بغطاء منزلق ومموه بدقه. الجندی المار ما أن یضع قدمه على الغطاء حتى ینزاح إلى الداخل ویسقط بجسمه على الأوتاد الحاده، ولا یکون قادرا على التخلص منها بمفرده.
الفیتنامیون قاموا بنصب العدید من هذه الفخاخ بجانب بعضها حتى یسقط الجنود الآخرون الذین یندفعون لانتشال زملائهم، فی فخاخ مماثله.
أسوأ الفخاخ التی حارب بها الفیتنامیون الأمریکیین فی الأدغال کانت عباره عن صخور کرویه ضخمه. تعلق هذه الصخور المثبته بها قطع خیزران حاده أو أوتاد معدنیه مسمومه، على فروع الأشجار فی الغابه. ما أن یحتک الجنود الأمریکیون بالأغصان المتشابکه حتى تسقط هذه الأحجار بنصولها الحاده المرعبه، وتتدحرج مکتسحه کل من یلاقیها.
استغل الفیتنامیون کل شیء یوجد فی أرضهم لمحاربه الأمریکیین بما فی ذلک الثعابین السامه والعقارب. استخدموا فی الغالب من الثعابین السامه، نوعا یسمى "ثعبان الخطوات الثلاث". سموم هذه الثعابین مفعولها سریع، وهی تتمیز بحجم صغیر ولذلک یمکن تعلیقها بسهوله بخیط على فروع الأشجار على مستوى الرأس. هذه الثعابین جعلها الفیتنامیون تقاتل معهم، ووضعوها فی أکیاس وفی سیقان الخیزران وفی صنادیق، ووضعوها على الدروب التی یسلکها الجنود الامریکیون. استعمل الفیتنامیون هذه الثعابین حتى داخل الأنفاق لحراسه المداخل بربطها قرب السقف فی انتظار من یقتحم المکان. وبالمثل استخدموا العقارب بوضعها فی صنادیق على جدار النفق. جرى التحکم فی أبواب الصنادیق بخیوط مموهه إذا تعثر بها الجنود الدخلاء، فُتحت الأبواب وخرجت العقارب لملاقاتهم.
انتصر الفیتنامیون فی تلک الحرب الهمجیه على أقوى وأغنى دوله فی العالم بتضحیات هائله، ولأنهم تمکنوا من جعل بلادهم بأسرها فخا مهلکا للغزاه. انتهت تلک الحرب بمقتل 58 ألف عسکری أمریکی وبإصابه أکثر من 150 ألفا آخرین، فیما عاد العدید من الأمریکیین إلى بلادهم مصابین باضطرابات شدیده جعلتهم غیر قادرین على العوده إلى الحیاه الطبیعیه.
المصدر: RT