وکاله آریا للأنباء - حمیدتی یرأس إمبراطوریه عائلیه مترامیه الأطراف تُقدر ثروتها بملیارات الدولارات (مواقع التواصل)
واشنطن – قبل أسبوعین من موعد مغادرتها البیت الأبیض، فاجأت إداره الرئیس جو بایدن العالم بإعلانها أن قوات الدعم السریع ترتکب إباده جماعیه فی السودان، وفرضت عقوبات على زعیمها محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حمیدتی".
لم یتفق خبراء الشأن السودانی فی العاصمه الأمیرکیه على مغزى واحد لتوقیت وهدف هذا الإعلان المتأخر من إداره بایدن. بید أن کامیرون هادسون، المسؤول السابق فی إداره الرئیس الأسبق باراک أوباما وخبیر الشؤون الأفریقیه فی مرکز الدراسات الإستراتیجیه والدولیه "سی إس آی إس" (CSIS)، رأى أن الخطوه "انعکاس للشعور بضمیر مذنب" تجاه السودان والسودانیین.
وقال وزیر الخارجیه أنتونی بلینکن فی بیان له إن "قوات الدعم السریع والملیشیات المتحالفه معها قتلت بشکل منهجی رجالا وفتیانا -وحتى الرضع- على أساس عرقی، واستهدفت عمدا النساء والفتیات من مجموعات عرقیه معینه بالاغتصاب وأشکال أخرى من العنف الجنسی الوحشی".
وأضاف بلینکن أن "هذه الملیشیات نفسها استهدفت المدنیین، وقتلت الأبریاء الفارین من الصراع، ومنعت المدنیین المتبقین من الوصول إلى الإمدادات المنقذه للحیاه"، وخلص إلى أن "أعضاء قوات الدعم السریع والملیشیات المتحالفه معها قد ارتکبوا إباده جماعیه فی السودان".
وسیؤدی إعلان تصنیف الإباده الجماعیه وفرض العقوبات على قوات الدعم السریع إلى تشویه صوره حمیدتی الدولیه، التی تضررت بالفعل بسبب تکرار التقاریر الدولیه المستقله التی تفید بانخراط ملیشیاته فی موجه من عملیات الاغتصاب الجماعی والنهب والتطهیر العرقی والاختطاف والاستعباد وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانیه.
ویرأس حمیدتی إمبراطوریه عائلیه مترامیه الأطراف تُقدر ثروتها بملیارات الدولارات وتنشط فی تجاره الذهب والأسلحه والعقارات والشرکات القابضه التی تدعم قوات الدعم السریع. ولا تزال هذه الإمبراطوریه العائلیه تسیطر على مناجم الذهب السودانیه التی کانت تعمل سابقا بالشراکه مع مجموعه "فاغنر" قبل أن تستولی علیها الحکومه الروسیه بالکامل.
واتهمت الولایات المتحده روسیا أمس الأول الاثنین بتأجیج الصراع فی السودان بدعمها للطرفین المتحاربین.
وأدى اندلاع الحرب الأهلیه فی السودان فی أبریل/نیسان 2023 بین القوات المسلحه السودانیه وقوات الدعم السریع إلى أکبر أزمه نزوح وجوع فی العالم. وقدر المسؤولون الأمیرکیون فی نهایه العام الماضی أن حوالی 150 ألف شخص قُتلوا فی السودان.
"ضمیر مذنب"
وفی حدیث مع الجزیره نت، أشار دیفید شن مساعد وزیر الخارجیه الأمیرکی السابق لشؤون أفریقیا إلى أن إداره بایدن تطهر الساحه قبل أن تتولى إداره ترامب السلطه یوم 20 ینایر/کانون الثانی الجاری، فبالإضافه إلى زعیم قوات الدعم السریع، فرضت وزاره الخزانه الأمیرکیه عقوبات على سبع شرکات مقرها دوله الإمارات العربیه المتحده، وفرد واحد مرتبط بقوات الدعم السریع لتقویض التحول الدیمقراطی فی السودان.
ووفق شن، کانت هذه العقوبات قید المناقشه منذ أشهر فی إداره بایدن. ویبعث القرار بشأنها رساله مفادها أن "الإداره سئمت من قوات الدعم السریع، وأنها مستعده حتى لمعاقبه شرکات حلیفه وثیقه الصله".
وعبر الخبیر الأمیرکی للجزیره نت عن شکوکه "فی أن إداره دونالد ترامب ستعطی السودان أولویه قصوى. وبالتالی، قد لا تکون هناک قرارات بشأن هذا البلد فی الأشهر الأولى للإداره الجدیده".
قوات الدعم السریع التی یقودها حمیدتی متهمه بارتکاب فظائع وجرائم ضد الإنسانیه (مواقع التواصل) التوقیت
من جهته، عبّر کامیرون هدسون عن اندهاشه من توقیت هذا الإعلان "الذی جاء متأخرا جدا". وغرّد على منصه "إکس" متسائلا "هل جاء هذه التحرک متأخرا وبعد فوات الأوان؟ الجواب نعم ولا".
یقول هدسون "نعم بالنسبه لإداره بایدن، لقد فات الأوان لإصلاح سیاسته الفاشله تجاه السودان، وقد فات الأوان للوقوف على الجانب الصحیح من التاریخ". وبرأیه "هذه الإداره کانت لدیها کل الأدله التی تحتاجها لإصدار هذا الإعلان منذ أشهر عندما کان من الممکن أن یکون لها تأثیر على هذه الحرب واختارت عدم الإدلاء به".
ومع بقاء أقل من أسبوعین فی السلطه، یقول هدسون "هذا لیس أکثر من انعکاس لضمیر مذنب. ومع ذلک، لم یفت الأوان بعدُ لکی یکون هذا الإعلان مؤثرا داخل السودان. بینما تحاول قوات الدعم السریع وحمیدتی إعاده تقدیم أنفسهم کلاعبین سیاسیین شرعیین فی السودان ما بعد الحرب، تجعل هذه القرارات الأمر أکثر صعوبه".
"متأخر لکن إیجابی"
یرى هادسون أن "الأمل الوحید هو أن یحذو الاتحاد الأوروبی والمحکمه الجنائیه الدولیه حذو واشنطن، وأن یوسّعوا هذه القرارات بحیث لا یکون مجرد إجراء أمیرکی".
وتساءل "لماذا لا تُعاقب قوات الدعم السریع بأکملها ولیس حمیدتی فقط؟ حمیدتی مهم، لکن قوات الدعم السریع بحاجه إلى حظرها بطریقه تمنعها من المزید من التجنید أو توسیع إمبراطوریتها التجاریه أو أن تتلقى المزید من الدعم من الجهات الفاعله الخارجیه".
وفی النهایه اعتبر الخبیر الأمیرکی أن "العنصر الأکثر إثاره للقلق هو التصریح غیر المبرر بأن الولایات المتحده لا تدعم القوات المسلحه السودانیه ولا ترى أی طرف یتمتع بأیه شرعیه".
وقال "قد یکون هذا صحیحا، لکن هذه النبره الأخلاقیه لا تساعد فی دفع حل لهذا الصراع. إنه یبعد واشنطن عن اللاعبین الذین یشنون الحرب، مما یجعلها أقل فعالیه لإیجاد حل أو التأثیر فی مستقبل السودان. ویبدو أن هذا یعکس نهج هذه الإداره تجاه السودان: اتخاذ موقف أخلاقی فی کل منعطف، ولکن لیس لدیها ما یکفی من الحس الإستراتیجی أو العملی لتغییر الوضع على الأرض فعلیا".
من جانبه، غرد المبعوث الأمیرکی الخاص للسودان توم بیرییلو على منصه إکس محتفیا بالخطوه الأمیرکیه. وطالب العالم بوقف "الفظائع" فی السودان وبمحاسبه المسؤولین عنها، والضغط من أجل إنهاء هذا الصراع ومساعده الشعب السودانی على الانتقال للحکم الدیمقراطی المدنی.
المصدر : الجزیره