وکاله آریا للأنباء - الاحتلال الإسرائیلی یواصل استهداف الضفه الغربیه عسکریا واقتصادیا (الجزیره)
أمعنت إسرائیل فی حربها على کل ما هو فلسطینی، لا سیما الاقتصاد، بسن عدد من التشریعات مع ارتباط اقتصاد غزه و الضفه الغربیه بالاحتلال عبر عوامل متعدده، منها التفاهمات مع السلطه الفلسطینیه والحصار.
وأشارت دراسه حدیثه إلى إصدار قوانین وتشریعات إسرائیلیه جدیده، فی الفتره التی عقبت عملیه طوفان الأقصى وحرب إسرائیل على غزه فی السابع من أکتوبر/تشرین الأول 2023، أثرت بشکل کبیر على الاقتصاد الفلسطینی، تشمل قضایا تتعلق بالضرائب، والعماله، والمعونات الاجتماعیه، والتوسع الاستیطانی، وهی مجالات ذات تأثیر مباشر على الاقتصاد الفلسطینی بسبب التشابک القائم بین الاقتصادین الفلسطینی والإسرائیلی.
ومن المتوقع، وفق الدراسه التی أعدتها الدکتوره رغد عزام الباحثه فی مرکز رؤیه للتنمیه السیاسیه والمختصه فی شؤون الاقتصاد الفلسطینی، أن تتفاوت آثار هذه التعدیلات على الاقتصاد الفلسطینی فی الضفه الغربیه مقارنه بقطاع غزه.
قانون حظر الأونروا
ذکرت الباحثه فی دراستها أن قرار الاحتلال الإسرائیلی حظر عمل وکاله الأمم المتحده لإغاثه وتشغیل اللاجئین الفلسطینیین ( الأونروا ) فی أکتوبر/تشرین الأول الماضی فی الأرض المحتله سیفاقم التحدیات الاجتماعیه والاقتصادیه نتیجه توقف خدماتها؛ ففی الضفه الغربیه وقطاع غزه، یستفید أکثر من 340 ألف طالب من التعلیم فی مدارس الوکاله، ویُقدر عدد المستفیدین من الخدمات الصحیه للأونروا بأکثر من 4 ملایین.
وتوقعت الدراسه أن یؤدی حظر الأونروا إلى ارتفاع الحاجه إلى المساعدات الإنسانیه من مصادر أخرى، إذ بلغت موازنه الأونروا 345 ملیون دولار عام 2023، کانت توجه لدعم اللاجئین الفلسطینیین، ویعمل فی الأونروا 30 ألف موظف، معظمهم فلسطینیون.
الخصم الضریبی للعمال
نص أحد بنود قانون الترتیبات الاقتصادیه الخاص بموازنه الاحتلال لعام 2025 على إلغاء الخصم الضریبی الذی کان العمال الأجانب والفلسطینیون یتمتعون به، إذ یحصل العمال الفلسطینیون والأجانب الذین یعملون فی الأراضی المحتله على بعض الخصومات المرتبطه بضریبه الدخل أسوه بالعمال الإسرائیلیین، وبناء على اعتبارات معینه مثل الإقامه والعمر والحاله الأسریه والجنس وما إلى ذلک.
وتوقعت حکومه الاحتلال أن یزید القرار من العوائد الضریبیه بحوالی 410 ملایین شیکل (113 ملیون دولار) خلال عام 2025، وتسعى الحکومه الإسرائیلیه بذلک إلى رفع إیراداتها الضریبیه ومحاوله سد العجز فی موازنه الحکومه الناجم عن الحرب على غزه وتداعیاتها.
وتحدد حکومه الاحتلال قیمه الخصومات على ضریبه الدخل بدایه کل سنه ضریبیه، وفقا للتغیر فی مؤشر أسعار المستهلک عن العام السابق، ففی عام 2024 بلغ حجم الخصم الضریبی على الدخل 242 شیکلا (64 دولارا) شهریا (بمعنى أن العامل الذی یحصل على خصم ضریبی سیدفع ضریبه دخل أقل بـ64 دولارا عن غیره ممن لیس لدیه خصم ضریبی).
ووفق الدراسه، سیؤدی إلغاء هذا الخصم إلى زیاده عبء الضرائب المفروضه على هذه الفئه من المجتمع الفلسطینی وانخفاض مدخولهم، ویتزامن هذا مع القیود التی فرضها الاحتلال منذ أکتوبر/تشرین الأول 2023 على دخول العمال الفلسطینیین للعمل فی السوق الإسرائیلیه.
وحسب أحدث بیانات العمل لدى الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی، انخفض عدد العاملین الفلسطینیین فی الداخل المحتل والمستوطنات حتى الربع الثانی من عام 2024 إلى حوالی 27 ألفا، بعد أن کان هذا العدد یصل إلى حوالی 200 ألف عامل قبل السابع من أکتوبر/تشرین الأول 2023، الأمر الذی زاد من حده البطاله فی الضفه الغربیه.
وبموجب بروتوکول باریس ، یتم تحویل 75% من ضریبه الدخل المفروضه على أموال العمال الفلسطینیین العاملین فی الداخل المحتل للسلطه الفلسطینیه، فی حین یحتفظ الاحتلال بـ25% من هذه الأموال بحجه تغطیه تکالیف الإداره والخدمات المتعلقه بتحصیل الضرائب، أما عائدات العمال الذین یعملون فی المستوطنات، فینصّ بروتوکول باریس على تحویلها بالکامل للسلطه الفلسطینیه.
تجمید أموال السلطه الفلسطینیه
یأتی هذا البند ضمن "قانون مکافحه الإرهاب" الذی صادق علیه الکنیست الإسرائیلی عام 2016، والذی یضم مئات البنود التی تم التوسع فیها، وکان أهمها إعطاء الصلاحیه لحکومه الاحتلال بمراجعه وتقدیر الأموال التی تذهب إلى عائلات الأسرى والشهداء الفلسطینیین الذین شارکوا بعملیات فدائیه ضد الاحتلال، وخصم مبالغ مالیه مقابلها من أموال المقاصه قبل تسلیمها للسلطه الفلسطینیه.
وزاد حجم المقتطع من 187 ملیون دولار فی 2022 إلى 477 ملیون دولار فی 2023، وفق الدراسه.
وفی أعقاب السابع من أکتوبر/تشرین الأول 2023، أصدر الاحتلال قرارا یقضی بتجمید کامل الأموال الفلسطینیه التی تُجمع لتکون عوائد ضریبیه (المقاصه) للسلطه الفلسطینیه، وتم تجمید حوالی 789 ملیون دولار، بدعوى استخدام السلطه الفلسطینیه هذه الأموال لدعم "الإرهاب" عبر دفع رواتب الأسرى والشهداء.
وبعد أن تم التوصل لتسویه تقضی بتحویل أموال المقاصه المحتجزه إلى دوله النرویج التی تقوم بدور الوسیط الذی یضمن وجهه هذه الأموال لدى السلطه الفلسطینیه ، عاد الاحتلال وتراجع عن ذلک عقب اعتراف النرویج بفلسطین دوله مستقله.
وفی مارس/آذار 2024، أقرّ الکنیست قانونا یسمح لعائلات إسرائیلیه من متضرری عملیات المقاومه برفع دعاوى ضد السلطه الفلسطینیه، والمطالبه بتعویضات تصل إلى حوالی 2.7 ملیون دولار لعائله کل قتیل.
ووفقا لذلک، فی نوفمبر/تشرین الثانی الماضی، قضت محکمه الاحتلال فی القدس المحتله بإلزام السلطه الفلسطینیه بدفع 12.5 ملیون دولار تعویضات عقابیه وتکالیف جنازه ونفقات قانونیه لعائلات 3 قتلى قتلوا فی عملیه سبارو التی وقعت عام 2001، وأُمهلت السلطه حتى نهایه دیسمبر/کانون الأول الجاری لدفع التعویضات، وإلا ستُقتَطَع من أموال المقاصه المحتجزه لدى الاحتلال.
الضم وتوسیع الاستیطان
وأشارت الدراسه إلى أنه ضمن سلسله الإجراءات الإسرائیلیه الهادفه للتوسع فی الضفه الغربیه وقطاع غزه، تم تمریر تشریع إسرائیلی جدید فی نوفمبر/تشرین الثانی 2024 یمنح مرکز جبایه الغرامات الحکومی الإسرائیلی أحقیه جمع الغرامات التی فرضتها المحاکم العسکریه على الفلسطینیین المقیمین فی الضفه الغربیه وقطاع غزه.
وذکرت أن هذا القانون جزء من إجراءات إسرائیلیه تهدف إلى زیاده الضغط المالی على الأفراد والأسر المتأثره بالأحکام العسکریه، کما یعکس نهجا موسعا یستخدم الوسائل القانونیه لتعزیز السیطره الإداریه والاقتصادیه فی مناطق السلطه الفلسطینیه.
وقف المخصّصات الاجتماعیه
أصدر الکنیست الإسرائیلی قانونا جدیدا یهدف إلى إیقاف صرف الإعانات الاجتماعیه للأفراد والعائلات الذین یعیشون فی الضفه الغربیه وقطاع غزه إذا ثبتت مشارکتهم فی أنشطه تُعتبر "إرهابیه" حسب القوانین الإسرائیلیه، وتقدّر هذه الإعانات الاجتماعیه بحوالی 1.9 ملیون دولار، ویستهدف هذا القانون حرمان بعض الفئات التی کانت تستفید من المخصصات الاجتماعیه المقدمه من مؤسسه التأمین الوطنی الإسرائیلیه، ومن ذلک:
العمال السابقون من قطاع غزه الذین ساهموا فی نظام التأمین الوطنی خلال فتره عملهم فی إسرائیل. الأشخاص الذین أصیبوا بإعاقه نتیجه عملهم فی إسرائیل وحصلوا على تعویضات قانونیه. القُصّر تحت سن 18 عاما، الذین یحمل أحد والدیهم الجنسیه أو الإقامه الإسرائیلیه، لکنهم یقیمون فی الضفه الغربیه أو قطاع غزه. ووفق الدراسه، یُعد القانون خطوه إضافیه ضمن مجموعه من التشریعات التی تهدف إلى تعزیز الإجراءات العقابیه ضد من یتهمهم الاحتلال بالمشارکه فی "الإرهاب"، وهی بذلک تخفف من العبء المالی علیها من جهه، ومن جهه أخرى تستغل سوء الأوضاع الاقتصادیه لدى الفلسطینیین کی یشکل هذا رادعا لأی عمل مقاوم.
وخلصت الدراسه إلى أن التطورات الأخیره تشیر إلى إستراتیجیه إسرائیلیه للضغط الاقتصادی على الفلسطینیین لتقویض قدرتهم على الصمود، مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادی فی الضفه الغربیه وقطاع غزه.
المصدر : الجزیره